أبي ..
لم يمنحني القدر فرصة اللقاء بك ولا التعرف عليك ولا استشعار حضورك ،هيبتك ، رهبتك ،حنانك ، لمستك وحضنك
لا تحمل ذاكرتي ملامح وجهك إلا من الصور التى تملكها والدتي وتنشرها في ارجاء المنزل ، احيط نفسي بها .
ولا اعرف نبرة صوتك إلا من التسجيلات التى تملكها والدتي ، الله ما اجمل صوتك يا أبي وما اعذب ضحكتك .
قسى علي القدر عندما اختارك الله قبل ولادتي بأسبوع ..
كانت امي دائما تجيب على سؤالي عن رحيلك الباكر " بأنك رجل طيب والله دوما يختار الصالحين "
كبرت على ذكرياتك مع والدتي و حديثها القليل عنك .. فهى دوما تكرر
" مازن كان طيب " "مازن كان رجل طيب " "لمازن اطيب قلب "
لم ترتبط امي بعدك بأي رجل . اكملت حياتها وحيدة مكتفيه بي عن الجميع و عملها ، كبر أسمها يا والدي وباتت واحدة من أفضل المحاميات .
عشنا انا وامي لوحدنا وعشت انا لوحدي كانت امي حذره في علاقتي ، لذا يا ابي لا املك صديقات ولا علاقات مع بنات العائلة كانت زيارات أمي قليله جدا لبيت جدي بسبب عملها . لكنها كانت تحرص على زيارتك دوما . في كل اجازة صيفيه كانت تسافر بي اليك كما تعلم كنا نقف انا وامي امام قبرك كما اقف اليوم لاول مرة لوحدي .
اعتدت على زيارتك واعتدت على حوار امي معك فجملتها وحدة لم تتغير- لا اطلب منك السماح يا مازن فانا اعلم انك لم تغضب مني انت رجل طيب لا تحمل الكره اعلم انك كنت وفيا بوعدك لي واحببتني حتى الرمق الاخير -
أبي اقف امامك اليوم لأبلغك اني تخرجت من الثانويه بامتياز وتم قبولي في كلية الطب . سأكون طبيبه مثلك يا ابي ومن نفس الجامعه هنا يا ابي في كندا لذا اليوم اقف امامك وحدي دون امي وسنعتاد ذلك انا وانت ان نكون لوحدنا كما لم نكون من قبل .
أبي كثيره هي الاسئله التى لم اطرحها عليك من قبل لان امي كانت ثالثا . لماذا تكرر امي انها لا تطلب منك السماح هل اخطا احدكم في حق الاخر ؟
لما طوال عمري لم التقي باحد من عائلتك و لا اقوى على سؤال امي من بعد ما نهتني عن هذا السؤال اول مره . لماذا لا يذكرك جدي لأمي قط ! بعكس جدتي التى قالت لي مره " كان والدك طيب ، ربما لو لم يتزوج فاطمة لكان على قيد الحياة الان " لما مادخل امي بحياتك او موتك ؟
كبرت يا ابي وكبرت الاسئله معي ..
لما اخترت ان تدفن في هذة البلاد البعيدة عن وطننا ؟
كيف تركت امي في الشهر الاخير من حملها وكنت في كندا وانت الذي تقول امي بانك احببتها حتى الرمق الاخير وانك كنت عاشقا لها كيف يترك العاشق زوجته في شهر ولادتها باول طفل ، بالطفله التى اختار اسمها من قبل ان تخلق حتى .
ذكرت لي امي الحادث الذي مررت به وكيف اخترت لي هذا الاسم "شوق"
ابلغتني ان شوق كانت مريضه عندك لكنها لم تكن كأي مريضه كانت شبه صديقه ولكن علاجها كان صعب ومرضها كان يتطور على مر السنوات ولكنها كانت قوية الي ان وصل المرض الي المرحله الاخيرة ويحتاج تدخل جراحي سافرت شوق الي المانيا للعلاج ، اخذت امي وذهبت لزيارتها قبل العملية بايام كانت كما عهدتموها قوية مبتسمه ولم تفقد الامل برغم معرفتك ومعرفتها
ان نسبة نجاح العملية 30% توفيت شوق اثناء العملية .. هزك موتها وكأنها احد اقربائك او افراد عائلتك تقول امي انهار مازن كسره موت شوق كما لم يكسره موت اي مريض من قبل وقال لي اذا رزقنا الله ببنت فستكون شوق .. ورزقك الله بشوق ولكن لم يكتب لنا لقاء..
أبي سأزورك كل يوم .. وإن حدث ولمحت ذاك الغريب الذي يقف عندك بعض الاحيان فلن اقترب سأحترم خصوصيته معك كما عودتني امي .
ترا من يكون ذاك الغريب الذي يزورك باستمرار ولم تتعرف عليه امي !
كثيره هى الاسئله يا ابي .... # يرن هاتفها المحمول ..
انظر يا ابي انها امي.
-نعم ماما
-اين انتي ؟
-عند والدي .
-ولما ذهبتي اليه لوحدك ! شوق !! لا تذهبي الي والدك لوحدك
-ولما لا يا امي مادمت انا معه في ذات المكان كيف لا اذهب اليه
-شوق وكم مره كنا في كندا معا و طلبتي الذهاب اليه بمفردك ومنعتك !! شوق لا تحسبين ان دراستك في كندا وبقائك لوحدك يمنحك حق القيام بالامور التى منعتك عنها .
-حسنا يا امي سأخرج الان و سنتحدث لاحقا..
توترت شوق من مكالمة والدتها وكانت عينها على قبر والدها الذي لم تودعه وصوت والدتها على الهاتف يوبخها كالعادة لفت مستعجلة تريد الخروج ولكنها اصطدمت بأحدهم وسقط الهاتف من يدها ، حمل الرجل الهاتف اعتذر منها ولكن قبل ان يعيد اليها الهاتف ..
اشار الي الصورة على الهاتف وقال :
يبدوا اني كبرت يا ابنتي الاشخاص في الصورة يشبهون صديقي رحمة الله عليه و زوجته سامحها الله ، لولا وجود الطفله لقلت ان الذي في الصورة هو مازن ، سامحيني يا صغيرتي نحن كبار السن كثيري الحديث تفضلي خذي هاتفك .
-انت ، انت الغريب الذي يزور والدي باستمرار ، اذا انت صديق والدي ..
-والدك ؟
-انت لم تكبر ولم تهذي حين قلت ان الذي في الصورة صديقك مازن ، هو مازن بالفعل والتى بجانبه امي زوجته فاطمة ، والطفله انا ابتهم شوق ولكنني ركبت الصورة باحتراف حتى تبيين للجميع انها حقيقه ..
-انت ابنت مازن شوق!! مات و بقلبه حسرة بوده ان يراك ، وكيف اطلقت عليك فاطمة اسم شوق !! وكيف وصلتي الي قبر مازن ؟
-اولا عرفني باسمك وتعال معي يجب ان نتحدث حديثا طويلا ، كنت اراك من بعيد طوال السنوات الماضيه ولكن امي لم تتعرف اليك لذا كانت تقول لا تقتربي احترمي خصوصيته مع والدك ، لكن فضولي كان يقتلني من تكون من انت لما تزور والدي باستمرار..
-اذا فاطمة لم تعرفني ليس غريبا على فاطمة هذا التصرف ، لكن الغريب كيف اطلقت عليك اسم شوق وكيف وصلت الي قبر مازن .
-من انت ؟ من تكون ولما تستغرب من تصرف امي ، ان ماقامت به امي هو التصرف الطبيعي المتوقع من كل زوجه تحب زوجها وبتحديد اذا كان الزوج عاشق مثل ابي .
- الزوجه تختلف عن الطليقة وليست أي طليقة بل فاطمة لذا استغرب .
-طليقة !! لكن امي وابي لم يفرق بينهما إلا الموت ليست طليقتة بل ارملته .
- على مايبدوا ان هناك امور اخفتها عنك فاطمة ، مثلما اخفت عنك هويتي ، انا سام صديق مازن المقرب والشاهد على زواجه من والدتك و حياته المره معها .
- مرة !!
-شوق تعالي لنجلس في مكان ما ونتحدث .
#في المطعم ..
-اذا اسمتك شوق .
-بناء على رغبة والدي .
- وتعلمين لما اختار مازن شوق ؟
-قالت لي امي قصتها وكيف تاثر ابي بعد موتها برغم من انه طبيب ويجب الا يتأثر هكذا بموت احد المرضى، احمد الله ان اسمها كان شوق لم يكن اسم اخر .
- لكن مازن لم يكن طبيب شوق ولم تكن شوق حاله عند مازن .
-ماذا !
- كانت شوق اختي وكان مازن الاخ الذي لم تنجبه امنا ، بالفعل كان مازن اول من اكتشف مرض شوق ، لكنه لم يفقد مريضه بل فقد الاخت والصديقه والام بعض الاحيان بعد مافقد امه وهي على قيد الحياة ، هل قالت لك فاطمة هذه الامور ؟
- عن ماذا تتحدث ماذا تقول وكل الذي تقوله يختلف عما قالته امي ! لما اجلس معك واصدقك انت الغريب ولتكن ذاك الغريب افضل .
- شوق انا لست غريب ، اغتربت عنك بما فيه الكفايه .. هناك امور عديدة يجب ان تعرفيها عن مازن ، لا اعلم ماذا قالت لك فاطمة عن مازن وسبب طلاقهم هناك امور يجب ان تعرفيها عن مازن .
- طلاقهم !! لم تذكر لي امي قط انها انفصلت عن ابي ، قالت ان ابي مات قبل ولادتي باسبوع وظلت امي وفيه له ولم تتزوج .
- مات قبل ولادتك بالفعل ولكن كان قد انفصل عن فاطمة منذ الشهر الثالث لحملها بناء على رغبتها .
-ماذا !! كيف ! مستحيل انت كاذب !!
-اتفهم ردت فعلك فمن الصعب عليك تحمل كل هذة الحقائق مرة واحدة .
-ابقى ذاك الغريب ولا تقترب مني مجددا وان التقينا عند قبر والدي لا تقترب مني كما لم اقترب منك طوال تلك السنين .
- ولكن ياشوق ..
(انصرفت شوق وتركت سام خلفها ينادي شوق يا ابنتي عودي)
خرجت و الاسئله في رأسها لم تهدأ
كيف ايعقل هذا هل مايقوله هذا الرجل صحيح هل كذبت علي امي ! كيف تكذب المحاميه فاطمة ! وعلى من على ابنتها ايعقل ان تكذب علي امي في ما يخص والدي ، لا لا مستحيل لن اسمح لهذا الغريب ان يشوش افكاري ، لكنه تعرف على صورة والدتي لما كانت امي اذا تنكر معرفتها به ؟ لما ؟ ايعقل ان يكون ، لا لا لا لتخرج هذه الافكار من رأسي .. يالله ساعدني .
جئت الي كندا لأكون بالقرب من والدي لاصنع لنفسي ذاكره مشتركه معه ، في الجامعه التى درس فيها الطرقات التى مر بها .. من اين خرج هذا الغريب اليوم ليشوش افكاري .. سام لم تذكر امي هذا الاسم ابدا لانها لاتذكر احد من طرف والدي لا اهل لا اصدقاء وكأن حياته كانت مقتصرة بين مهنته و حب امي فقط. ام والدي التى ذكرها سام ماذا كان يقصد. لا لا ياشوق لاتفكري فيما قال . انت لم تلتقي بالغريب ولم تتحدثي معه مطلقا . كندا كوني لي كما كنت لوالدي ..وليكن الغد يوم جميل ويا خوف فؤادي من غدا .
#يتبع
خلود عبدالله .
صورتي لنا علاقة شوق بذكرى والدها الراحل بشكل جميل
ردحذفوإيمانها القوي وتصديقها للحكايا التي طالما سمعتها من أمها فاطمة
ولحظة التصادم بين الماضي المبني على الثقة
والحاضر المغاير المصحوب ببعض الإثباتات الغامضة التي تستوجب وقفة
اسلوب جميل ممتع
بانتظارك ��
شكرا لتعليقك ممنونتك
حذفمبدعه ❤️ بانتظار التكمله
ردحذفممنونتك
حذفامين شكرا
ردحذفمبدعه ❤️❤️❤️
ردحذفkırşehir
ردحذفgümüşhane
yozgat
kırıkkale
kocaeli
İQYPAJ